(1)
أشهد أنها قصة حب نارية ,,,, امتدت خلال سنوات ثلاث قضياها معا جنبا إلى جنب ,,, في العمل صباحا وفي الشارع مساء , يبحثان عن وظيفة إضافية دون جدوى أما البحث عن مسكن فالتفكير فيه كان ضربا من الجنون.
وعادة ما كان ينتهي بهما الأمر إلى التسكع اليائس على أرصفة ( كورنيش النهر الكبير) , يحصيان بدقة ما تبقى من عملات معدنية, ويزدردان الأطعمة الرخيصة, ويستمعان إلى أغنيات حب شعبية ,ويندمجان في حشد المارة , ويتبادلان الحلم , والشوق لهب في العيون , وأجياد الرغبة تتراكض في العروق. فيسترقان في ظل الشجرالعجوز شيئا من الهمس المتقطع , ويختلسان اللمس المرتعش ,و يخطفان قبلة خجولة خائفة, ويلتهمان الترمس المشبع بالملح .
(2)
كان يهذي : أنا ؟ أنا لم أقصر معها في شيء.
: أشهد أنك قمت بما عليك, أؤكد أن المسكينة قد التهمت ما يقرب من طنين من الترمس.
(3)
- نعم , على الحكومة أن تجد حلا .. وأن ..
- لا تحمل الحكومة أكثر مما تحتمل , ألا يكفي أنها تستورد لكما الترمس؟
(الفقراء كابوس على قلوب الولاة, فلا يستطيعون بسببهم التمتع بمباهج الحكم.)
(4)
الأيام تذوب كالملح في الأفواه .... والأحلام تنفخ العقول . كما ينفخ البطون هذا الترمس. والألسن لا ترحم , والأم ينزف قلبها حنانا ودما. فقد يمتد صهيل الرغبة إلى حافة الخطر, والربيع لا يدوم طويلا في أرضنا ,فسرعان ما ينبت شجر الحنظل.
(5)
- دَقَّ البابَ .
فـُتح الباب مواربا على غير العادة
_ أطل نصف وجه لطفلة خائفة .
- أخبريها أنني أنتظر... في الأسفل ؟
- سافرت.
- إلى أين؟
- عند خالتها.
(6)
جاءني مهرولا حانقا : خائنة ! لماذا أخفت عني أن لها خاله ؟!!!
(7)
... مع بقال الحي العجوز الذي توسط له في الخطبة يوما ما,أعادوا له هداياه التافهة ,ورحلوا.
اختفت أسرتها من الحي كله , ثم ظهرت فجأة.أما هي فقد تلاشت
(
في الربيع يكون التزاوج بين البراعم والأزاهير , والفراشات الرقيقة أما على ضفافنا , فالربيع مختلف تماما , فالشجر المتوحش العجوز الضارب بجذوره المتشعبة في قلب البلاد, ينتشر بكثافة لمجرد أنه قادر على إنتاج الحنظل بكميات تجارية.
(9)
كان يمشي إلى جانبي شارد الذهن ونحن نلتهم قراطيس الترمس المر في ظلال الشجر العجوز المهيمن.
كان يهذي بصوت مسموع : رأس البلاء الحكومة ,لأنها تستورد الترمس المغشوش.
تناهت إلى مسامعنا أغنية حب شعبية, بدا وكأن جهاز التسجيل لا يعمل بكفاءة, فترددت الأغنية كحشرجات ألم في الفضاء المحيط.
(10)
كان طعم الملح زاعقا في أفواهنا, ونحن نسير بلا هدف وسط الحشود الهائمة ,على حين انتشر باعة الحنظل الذين كانوا ينادون الناس إلى بضاعتهم بحماس شديدعلى (ضفة النهر الهادر الكبير)
محمد نديم