على الرغم من مذاقه اللاذع والحار، إلا أن مغلي الزنجبيل يعد من أفضل المشروبات الشتوية بالسعودية يتم تناولها في جميع المناطق وبمختلف المستويات، بغية الحصول على الطاقة والدفء والنوم الهادئ بليالي البرد القارسة وفي جلسات حميمية ودافئة يُحلى فيه الزنجبيل بالسكر أو بالعسل، وظل على انه إكسير الشباب ورونق الجلد ومهدئ على مدى قرون طويلة، والزنجبيل برائحته العطرية والنفاذة مدين لمكتشفيه بتقوية جهازهم المناعي وبأنه طارد للسموم بالأغذية البحرية.
واكتشف أهميته العرب قديما واستنبطه الغرب منهم، بدأت زراعة نبات الزنجبيل في مناطق آسيا الاستوائية، حيث ينمو بكثرة في الهند والفلبين والصين واندونيسيا وباكستان، وأفضل أنواعه هي تلك التي تزرع في جزيرة جامايكا، واستخدمه الغرب منذ نحو 2000 سنة، ونقله الإسبان إلى أميركا، وتتعدد استخداماته في الطب الشعبي والتداوي، وهو عبارة عن عروق عقدية مثل عروق نبات السعدى، إلا أنه أغلظ ولونه إما سنجابي وإما أبيض مصفر، وله رائحة نفاذة مميزة طيبة يعرف بها، وهو حار الطعم، لاذع ويشمل عدة أنواع، زنجبيل بلدي وهو الراسن ـ زنجبيل شامي ـ زنجبيل العجم ـ زنجبيل فارسي ـ زنجبيل هندي، وهو المعروف المستعمل، ويسمى بالكفوف.
و(الكنز) كما يحلو للبعض أن يسميه ينبت تحت التربة، ويوجد في الأسواق التجارية بعدة صور (ناعم، خشن، أكياس ورقية)، وبنكهات متعددة. كما أن الشركات المتخصصة في تسويق منتجات الأعشاب استلهمت فكرة تعبئته في أكياس ورقية صغيرة لتعبئة مختلف أنواع الأعشاب ذات الخواص العلاجية الطبيعية.
وبعد إحساسهم بنفثات البرودة يرتشف السعوديون الزنجبيل بالزعفران، الذي يُعدّ عن طريق غليه مع الماء ثم تصفيته وإضافة السكر أو العسل ليتم تحليته، أو بإضافة ملعقة أو أكثر من مسحوقه إلى كوب من الماء المغلي، حيث تترك لفترة عشر دقائق قبل تناولها، ومن الممكن وضع قليل من القرنفل أو القرفة أو إضافة مسحوقه ليشرب مع الحليب أو السحلب بشكل يومي، حيث يساعد بشكل جيد على الدفء ويقوم بتوسعة الأوعية الدموية تحت الجلد مما يؤدي إلى الشعور بالدفء، كما أنه يفيد في زيادة إفراز العرق مما يجعل هناك تلطيفاً في درجات الحرارة المناسبة للجسم، وفي إزالة البلغم وتنظيف الفم، وأيضا يستعان به لتسخين وتدفئة المعدة وطرد الرشح والزكام والبرودة. وله تأثير نافع في السعال والكحة المصحوبة بالبلغم، لقدرته على إذابته وطرده من الرئتين، ويعتبر من المطهرات الجيدة للجهاز الهضمي.
ويرى المهتمون أن أسباب زيادة معدل الصداع والتوتر العصبي والغثيان وقلة النوم ترجع إلى قلة ما يتناوله الطلاب من الجنسين من الوجبات الغذائية، خاصة في فترة الاختبارات، والى عدم شرب الزنجبيل على الرغم من التوجه والتوعية بأهميته، وذلك بعد انتشار المنبهات المتمثلة في القهوة والشاي، وعلى الرغم من إضافة بعض النكهات في صناعة الشاي (كالقرنفل والزنجبيل والقرفة والكركديه والنعناع)، إلا انه ومع ذلك فهم يعتمدون على شرب الشاي الأسود المر من دون تحلية، الذي يؤدي إلى اضطراب ضربات القلب، ضيق التنفس، فقدان الشهية، اضطرابات الهضم، اصفرار اللون، والأرق، إلا انه يمكن مزج الزنجبيل لإزالة التوتر والصداع والشعور بالراحة مع البابونج وزهرة الزيزفون.
وغالبا ما تكون الجدات الكبيرات في السن أو الأمهات مرجعا أساسيا لتناول الأعشاب، ففي عروقها يستنبط منها الطقوس والأعراف والتقاليد، وتستعمله لبناتها للقضاء على انتفاخ البطن ومغص الحيض والغثيان. وتحضره بإضافة نقطة أو نقطتين من الزيت على قطعة سكر، أو بمزيج نصف ملعقة صغيرة من العسل.
من جانب آخر، تحرص السعوديات على استخدامه كتوابل في تجهيز الأطعمة لمنحها الطعم المميز والحار على حسب الذائقة، ويضاف إلى أنواع من المربّيات والحلوى، ويحفظ في أماكن غير مغطاة مع نبات الزعتر الذي يغطيه أو بوضعه مع الفلفل الأسود لحمايته من التسويس والتآكل.